قوله تعالى: {وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون 14 وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون 15 وعلامات وبالنجم هم يهتدون 16 أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون 17 وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم 18}
  «وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» أي: لكي تشكروا «وَأَلْقَى في الْأَرْضِ رَوَاسِيَ» أي: جبالاً ثوابت «أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ» أي: لئلا تميد بكم، أي: تتحرك وتضطرب وتميل «وَأَنْهَارًا» أي: وجعل فيها الأنهار للماء لمنافعكم «وَسُبُلاً» أي: وجعل فيها طرقاً مختلفة «لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» أي: لكي تهتدوا إلى مقاصدكم، وقيل: لتهتدوا بها إلى توحيد اللَّه بأن تفكروا فتعلموا أن ذلك من تدبير قادر حكيم [«وَعَلَامَاتٍ»] أي: معالم يعلم بها الطريق، قيل:
  هو الجبال ونحوها، عن محمد بن كعب، والكلبي. فالجبال علامات النهار، والنجوم علامات الليل، وقيل: تم الكلام عند قوله: «وَعَلاَمَاتٍ» ثم ابتدأ «وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ» قال قتادة: خلق اللَّه تعالى النجوم لثلاثة أشياء: زينة للسماء، ومعالم للطرق، ورجوماً للشياطين، وقيل: في سير بعضها دلالات على الأشياء «أَفَمَنْ يَخْلُقُ»: يعني الله سبحانه في استحقاق العبادة والإلهية «كَمَنْ لاَ يَخْلُقُ» يعني الأصنام، ومعناه: أيستوي من يفعل وينفع ويضر ومن هو جماد لا يخلق شيئاً ولا ينفع ولا يضر حتى يسوى بينهما في العبادة. «أَفَلَا تَذَكَّرُونَ»؟
  ثم عطف عليه بذكر النعم كأنه قيل: أفمن يخلق كمن لا يخلق أفمن ينعم كمن لا ينعم، ققال سبحانه: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّه لاَ تُحْصُوهَا» أي: لا يمكنكم إحصاؤها من كثرتها «إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ» لما كان منكم إذا تبتم «رَحِيمٌ» بكم حيث وسع النعم عليكم، ولم يمنعها بمعاصيكم.
  · الأحكام: تدل الآية على عظيم نعمه تعالى على عباده في البحر من استخراج الزينة والصيد، وركوب السفن للتجارات، ومتى تفكر العاقل في كل واحد منها علم أن لجميع ذلك صانعاً مدبرًا.