قوله تعالى: {قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون 26 ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين 27 الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون 28 فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين 29}
  الْيَوْمَ» أي: الهوان «وَالسُّوءَ» يعني العذاب الذي يسوؤهم «اليوم» يعني يوم القيامة {عَلَى الْكَافِرِينَ ٢٧ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ}، يعني تقبض أرواحهم، وتوفى واستوفى بمعنى، وقيل: تستوفي عددهم «ظَالمي أَنفُسِهِمْ» بالكفر. إلى هاهنا حكاية كلام الَّذِينَ أوتوا العلم، ثم عاد الكلام إلى الحكاية عن المشركين، فقال: «فَأَلْقَوْا السَّلَمَ» أي: انقادوا واستسلموا وتركوا النكير «مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ» من شرك وكفر، وقيل: ما كنا نعمل من سوء عند أنفسنا في اعتقادنا، لأنهم لا يكونوا ملجئين إلى ترك التكذيب إذ لا تكليف عليهم، عن أبي علي، وأبي هاشم وأصحابهما، فيتحيرون في اعتقادهم، لأنهم يكذبون في خبرهم، وقيل: الآخرة منازل ومواطن، في بعضها يلجؤون إلى ذلك دون بعض، عن الحسن، وأبي بكر أحمد بن علي، والأول الصحيح، فتقول الملائكة «بَلَى» كنتم كافرين عاملين بالسوء، اتبعتم الآباء وعلماء السوء «إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» من ذلك، وقيل: هو من كلام اللَّه تعالى لهم.
  ومتى قيل: (بلى) تكذيب، فإن كانوا أخبروا عن اعتقادهم فلم كذبوا؟
  فجوابنا: لم يكذبوهم في خبرهم، ولكن ردوا عليهم قولهم «مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ» فقال: بلى عملتم سوءاً.
  «فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا» دائمين «فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ» أي: بِئْسَ منزل المتعظمين عن قبول الحق.
  · الأحكام.
  تدل الآية على مجادلة تجري في القيامة بين أهل النار وأهل الجنة.
  وتدل على أن الملائكة موكلون بقبض الأرواح، لأن الموت لا يقدر عليه غير الله تعالى، فأما الروح فهي النفس، وهي أجزاء مختلطة ببدن الإنسان فتجذبها الملائكة.