قوله تعالى: {قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون 26 ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين 27 الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون 28 فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين 29}
  وأبي علي وجماعة. «فَأَتَى اللَّهُ» يعني أتى اللَّه «بُنْيَانَهُمْ» وقيل: كان الخراب من جهة اللَّه تعالى بأن فعله كما يقال: أتيت من جهة فلان، إذا كان هو الفاعل «مِنَ الْقَوَاعِدِ» أي: الأساس «فَخَرَّ عَلَيهِمُ السَّقْفُ» أي: سقط عليهم أعالي بيوتهم، وقيل: وقعت الزلزلة والعذاب فيها حتى سقط عليها بنيانهم، وقيل: أتى أمر اللَّه ما بنوا من مكر واحتيال فأحبطه وأبطله، وخرَّ عليهم ما بنوا ومكروا بالمرسلين من الظلم والتكذيب، فأهلكهم اللَّه به، عن الأصم، وهذا يبعد.
  ومتى قيل: لما قيل: «مِنْ فَوْقِهِمْ» والسقف لا يكون إلا من فوق؟
  قلنا: فيه وجهان:
  الأول: للتأكيد نحو قلت: إنه كذا، عن أبي علي.
  والثاني: لتدل أنهم كانوا تحته، إذ يقول القائل: تهدمت عليَّ المنازل، وإن لم يكن تحتها.
  «وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ» يعني عذاب الاستئصال «مِنْ حَيثُ لاَ يَشْعُرُونَ» لا يعلمون أي: من حيث لم يتوقعوا ومن مأمنهم، لأنهم اعتقدوا أنهم على حق فما ظنوا أنهم يعاقبون «ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ» يذلهم بأنواع العذاب والنكال، وقيل: يفضحهم بأن يسألهم فيقول: «أَيْنَ شُرَكَائِي» وفيه إشارة إلى أنه يفضحهم بشيئين:
  أحدهما: أنهم عبدوا حجرًا لا [ينفع ولا يضر].
  وثانيهما: تركوا عبادة المنعم المالك للنفع والضر.
  «وَيَقُولُ» توبيخاً لهم وتهجيناً «أَيْنَ شُركائِي» على زعمكم «الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشاقُّونَ فِيهِمْ» قيل: تخالفون فيهم أولياء اللَّه وأنبياءه، عن ابن عباس، فما لهم لا يحضرونكم ولا يدفعون عنكم «قَال الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ» يعني العلماء بِاللَّهِ وشرائعه «إِنَّ الْخِزْيَ