التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين 30 جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين 31 الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون 32}

صفحة 4026 - الجزء 6

  أحدهما: قوله: «لنعم»، وهي إشارة إلى حصول الأماني.

  والثاني: إضافة الدار إليهم، كأنها معدة لهم.

  ثم فسر ووصف الدار فقال سبحانه: «جَنَّاتُ عَدْنٍ» أي: إقامة لا تفنى ولا تزول «يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ» أي: من تحت أشجارها وأبنيتها الأنهار أي: ماء الأنهار. وقيل: هي أنهار العسل واللبن والخمر «لَهُمْ» للمتقين «فِيهَا» في الجنات «مَا يَشَاءُونَ» قيل: يريدون، وهو حقيقته، وقيل: يشتهون «كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَقِينَ» أي: بمثل هذا يكافئ المتقين، عن أبي علي «الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ» أي: تقبض أرواحهم «طَيِّبِينَ» قيل: صالحين بأعمالهم الجميلة، وقيل: مؤمنين مجانبين لمعاصي اللَّه، عن أبي علي، وأبي مسلم، وقيل: زاكية طيبة أفعالهم وأقوالهم، عن مجاهد، والأصم، وقيل: طاهرين من دنس الكفر والفسق، وقيل: تطيب لهم قبض أرواحهم لما بشروهم بالجنة فيفرحون بقبض أرواحهم، «يَقُولُونَ» يعني الملائكة للمؤمنين «سَلاَمٌ عَلَيكُمُ» قيل: سلموا عليهم سلام تحية، وقيل: يقولون: اللَّهُ يقرأ عليكم السلام، عن محمد بن كعب القرظي، وقيل: معناه السلامة لكم «ادْخُلُوا الْجَنَّةَ» قيل: لما بشروهم بالسلامة والجنة صارت الجنة كأنها دارهم، وهم فيها لأنهم قالوا ادخلوا الجنة يعني حصلت لكم، وقيل: يقولون ذلك عند خروجهم من قبورهم: سلام عليكم ادخلوا الجنة، وقيل: المراد أنكم ستدخلونها، عن أبي علي «بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» أي: جزاء على أعمالكم.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الملائكة تخاطب المحسن والمسيء عند قبض الأرواح ويوم القيامة بعواقب أمرهم، فيزيد المؤمنين سرورًا، والكافرين غماً، والعلم بذلك لطف للمكلفين.