التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين 30 جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين 31 الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون 32}

صفحة 4025 - الجزء 6

  وألقاه، فيدخل مكة، ويرى أصحاب النبي ÷ ويسألهم عنه فيخبرونه بصدقه، وأنه نبي مبعوث فذلك قوله: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ}.

  وقيل: نزل قوله: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ} في صهيب، وبلال، وخباب، وسلمان، وعمار، حكاه الأصم.

  · المعنى: لما تقدم قيل الكفار فيما أنزل اللَّه عليه عقبه بقيل المؤمنين، فقال سبحانه: «وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا» قيل: الشرك، وقيل: المعاصي، وهو الوجه، وهم المؤمنون «مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ» من القرآن على محمد «قَالُوا خَيرًا» يعني قالوا أنزل خيرًا، وقيل: أجابوا بخير جواب، وهو قولهم: إنه نبي مبعوث أوحى اللَّه إليه، واختلفوا في قوله: «خيرًا» يعني قالوا: أنزل خيرًا، وقيل: القرآن والإسلام وسائر الأحكام المؤدية إلى ثواب الأبد، وقيل: هو قوله: «لِلَّذينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ» للذين أحسنوا قيل: هذا كله من كلام المتقين إلى قوله: «طيبين» وقيل: إلى قوله: «جنات» وقيل: إلى قوله: «وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيرٌ»، عن أبي مسلم، وقيل: بل تم الكلام عند قوله: «قَالُوا خَيرًا» ثم ما بعده ابتداء كلام من جهة اللَّه تعالى، وأجاز الحسن والزجاج كلا الوجهين، والأظهر أنه كلامه تعالى لأنه أبلغ في الدعاء إلى الإحسان، والمعنى: للذين أحسنوا في طاعة اللَّه كما هو حقه «فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ» ثواب وإحسان، قيل: هو ما يستحقه من التعظيم والمدح، وقبول الشهادة، وحقن الدماء والأموال وغير ذلك من إكرامه، وقيل: هو الظفر على الأعداء بالحجة والقهر والغنيمة، عن الأصم، وقيل: لما أحسنوا أحسن اللَّه إليهم بالتوفيق والألطاف كقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}⁣[محمد: ١٧]، «وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيرٌ» لهم مما أعطاهم في الدنيا «وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ» فيه مبالغة من وجهين: