التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون 38 ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين 39 إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون 40}

صفحة 4036 - الجزء 6

  في الدنيا. «إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ» يعني إذا أردنا أن نبعث من يموت، فلا تعب علينا ولا نصب في إحيائه، كما في جميع أحواله، فإنما قولنا لشيء إذا أردنا إيجاده «أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» لسرعته ولوجوده كما شاء، تدل على أن المراد التشبيه، ولأن المعدوم لا يخاطب، وكذلك الجماد، ولأن ذلك الشيء هو الذي يكونه، وهو قول أبي علي، وأبي مسلم وأكثر مشايخنا، وقيل: إن قوله: «كن» علامة للملَك أنه يحدث أمرًا عند سماعه، عن أبي الهذيل، والأصم.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الرد على من أنكر البعث ولا وجه لإنكاره، لأنه لا يخلو إما أن ينكر لأن الشيء لا يجوز وجوده في وقتين، أو لأنه لا يقدر على إيجاده، وبعد إعدامه كالقدر فينا، فإذا ثبت أنه تعالى قادر على الأشياء لنفسه، وثبت أن الجواهر يجوز عليها البقاء وبعض الأعراض جاز إعادته.

  وتدل على أن المعارف مكتسبة.

  وتدل على أنه تعالى يبعث جميع الخلق، وهذا يعرف بالسمع، والذي يجب إعادته عقلاً المثاب ومن له عوض لم يوفر عليه في الدنيا، فأما المعاقب فكان يجوز أن لا يبعث لأن العقاب حق اللَّه تعالى فيجوز أن يستوفيه، ومن له ثواب ولا عوض يجوز أن لا يبعث، إلا أن السمع دل أنه يبعث الجميع.

  وتدل على أن الحق يظهر ويرتفع الخلاف يوم القيامة، إما بالقول أو العلم الضروري يخلقه فيهم.

  واستدل بعضهم بالآية على قدم الكلام، لأنه يفعل بكن، ولو كان محدثاً لاحتاج إلى كن آخر، ثم كذلك إلى ما لا نهاية له، وهذا فاسد، لأن كن ليس بعلة موجبة