قوله تعالى: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون 41 الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون 42}
  وقيل: إن صهيباً قال للكفار: ما تريدون مني؟ إن كنت معكم لم أنفعكم، وإن كنت عليكم لم أضركم، ولي مال كثير فخذوه ودعوني وديني، فقالوا: قبلنا، فأنزل اللَّه تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}[البقرة: ٢٠٧] فقال أبو بكر: نعم. الييع بيعك يا صهيب، فقال: ما ذاك؟ فقال: «أخبرنا رسول اللَّه ÷ أن هذه الآية نزلت فيك»، حكاه الأصم.
  وقيل: نزلت في جميع أصحاب محمد، ظلمهم أهل مكة، فأخرجوهم من ديارهم فلحق طائفة بالحبشة. ثم بوأهم اللَّه المدينة بعد ذلك، وجعل لهم بها أنصارًا، عن قتادة.
  وعن عمر (وكان إذا أعطى أحداً من المهاجرين عطاءه قال له: خذ هذا ما وعدك اللَّه في الدنيا وما أخره لك أفضل، ثم تلا هذه الآية).
  · النظم.
  يقال: كيف يتصل ذكر المهاجرين بما قبله؟
  قلنا: فيه وجوه:
  قيل: يتصل بقوله: {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ} تقديره: بل يبعثهم ليُبين لهم الذي يختلفون فيه، وليُعْلِمَ الكافرين كذبهم، وليجزي المؤمنين المهاجرين على ما فعلوا ما أتاهم في الدنيا.
  وقيل: لما تقدم ذكر الكفار وما أعد لهم عقبه بذكر المؤمنين، وبين حالهم حثاً على الاقتداء بهم، فاتصل به اتصال النقيض بالنقيض.