التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون 51 وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون 52 وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون 53 ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون 54 ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون 55}

صفحة 4051 - الجزء 6

  · النزول: قيل: قال المشركون للنبي ÷: إنه كان يدعو إلى إله واحد، وهو اليوم يدعو إلى إلهين، إلى اللَّه وإلى الرحمن، فنزلت الآية، حكاه الأصم.

  · المعنى: لما تقدم ذكر الأدلة وأنه مالك السماوات والأرض بيّن أن من هذه حقيقته إله واحد، وأنه لا ثاني له، فقال سبحانه: «وَقَال اللَّهُ» لعباده «لاَ تَتَّخِذُوا إِلَهَينِ اثْنَينِ» قيل:

  لا تصفوا اللَّه بالشريك، وقيل: لا تجعلوا العبادة لإلهين، وقيل: لا تقولوا للعالم صانعان إلهان «إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ» هو الخالق والمنعم، لو كان إلهين لفسدت السماوات والأرض، وعن بعض الحكماء: نهاك ربك أن تتخذ إلهين فاتخذت آلهة عبدت نفسك ودنياك وهواك وطبعك ومرادك، وعبدت الخلق، فأنى تكون موحداً، «فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ» أي: خافوا عقابي أي: فلا تصفوني بما لا يجوز عليّ، «وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» خلقاً وملكاً «وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا» قيل: الطاعة دائماً، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، وابن زيد، ومعناه: ليس من أحد يدان إلا وينقطع ذلك عنه سوى اللَّه تعالى فإنه تدوم طاعته بدوامه، وقيل: له الجزاء الشديد، والوصب: الألم، وقيل: الدين: والملك، ومنه قيل له: الديان، أي: له الملك دائماً لا يزول، وقيل: له الدين خالصاً، عن الفراء، أي: يجب على العبد أن يطيعه مخلصاً، وقيل: له الدين واجباً من قولهم: دين واصب، عن ابن عباس. «أَفَغَيرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ» قيل: تعبدون وتدينون، عن الأصم، وقيل: هو الإله المالك فكيف تعبدون غيره ولا تعبدونه، عن أبي علي، وقيل: تتقون غيره ولا تتقونه، وقيل: هو