قوله تعالى: {وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون 51 وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون 52 وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون 53 ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون 54 ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون 55}
  واصبة: بعيدة لا غاية لها، وأصل الباب: الثبوت، ومنه قيل للعليل: وصب، ومنه: واصب على الأمر وواكب وواظب أي: داوم عليه.
  والجؤار: الاستغاثة ورفع الصوت بها، ومنه: الخبر: «كأني أنظر إلى موسى له جُؤَارٌ إلى ربه بالتلبية» معناه: رفع الصوت، وأصله من جؤار الثور جأر يجأر جؤارًا، إذا رفع صوته من جوع أو غيره.
  · الإعراب: يقال: لِمَ دخلت الفاء في قوله: «فمن اللَّه»؟
  قلنا: فيه قولان:
  الأول: أن (ما) بمعنى (الذي)، وفيه شبه الجزاء، كما قال: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ}[الجمعة: ٨].
  الثاني: على أن (ما) في معنى الجزاء، وحذف فعل الجزاء بتقدير: ما يك بكم من نعمة فمن اللَّه، لذلك دخلت الفاء، عن الفراء.
  ويقال: ما معنى اللام في قوله: «لِيَكْفُرُوا»؟
  قلنا: قيل: البيان عما هو بمنزلة العلة التي لأجلها يقع الفعل، وذلك أنهم أشركوا في العبادة، ليكفروا بما أوتي من النعمة، كأنه لا غرض له في شركه إلا هذا.
  وقيل: لام العاقبة يتصل بقوله: {إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ} فكان مصيرهم عند ذلك إلى ما علم وقوعه من كل فريق، عن أبي مسلم، ويحتمل أن يكون لام الوعيد كقوله: {وَلِيَتَمَتَّعُوْا}[العنكبوت: ٦٦].
  {وَاصِبًا} نصب على الحال.