التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون 73 فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون 74 ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون 75}

صفحة 4079 - الجزء 6

  حَسَنًا» عطاء حسناً «فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ» في طاعة اللَّه «سِرًّا وَجَهْرًا» فآتاه اللَّه على ذلك النعيم الدائم في الجنة» هَلْ يَسْتَوُونَ «لفظة استفهام والمراد الإنكار أي: لا يستويان، فاقتصر على لفظ الاستفهام وحذف الجواب، وقد يذكر الجواب أيضاً كقوله: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ}⁣[السجدة: ١٨]. «الْحَمْدُ لِلَّهِ» قيل: قولوا الحمد لله الذي دل على توحيده وهدى إلى دينه، وقيل: على نعمه، وفيه إشارة إلى أن النعم كلها منه، وقيل: قل الحمد لله على علمك بهذا فإن أكثرهم لا يعلمون ذلك، قيل: إنه رد بهذا عليهم عبادة غيره، أي: ليس للأوثان نعمة وإنما النعم لله والحمد كله له «بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» قيل: لا يعلمون النعم منه، وقيل: لا يعلمون ما دلهم به على توحيده، عن أبي علي.

  · الأحكام: تدل الآية على صحة الحجاج في الدين.

  وتدل على وجوب عبادة اللَّه وبطلان عبادة غيره.

  ويدل قوله: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} أنَّه لا يجوز أن يمثل به ويشبه، وليس هذا مخالف لقوله: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} لأن الحسنى معناه الصفات الحسنى، وهذا كالموافق لتلك الآية في المعنى.

  وذكر علي بن موسى القمي أن الآية تدل على أن العبد لا يملك من حيث جعله اللَّه مثلاً للأصنام، وقد بين أنها لا تملك لهم رزقاً، قيل: ثم عطف عليه بهذا القول، فلو كان العبد يملك ما كان مثل الحجارة التي لا تملك، ولأنه قال: {لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} ولأنه لا يملك حكماً بالإذن مع قوته فلأن لا يملك بالفقد أولى، ولأنه لو