قوله تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون 73 فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون 74 ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون 75}
  ولما بين بالأدلة الواضحة التوحيد والعدل وبلغ المقطع دعا إليه ونهى عن خلافه، فقال سبحانه: «فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ» أي: ظهر الحق فلا تجعلوا لله الأشباه، فإنه لا مثل له ولا شبيه في ذلك في اتخاذهم الأصنام آلهة، عن ابن عباس، وقتادة. «إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ» مَنْ كَان منزهاً عن الشركاء «وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» ذلك بل تتبعون الظن، ولو تفكرتم لعلمتم، وقيل: هذا وعيد، أي: يعلم ما عليكم من المضرة في عبادة غيره وأنتم لا تعلمون، ولو علمتم لتركتم عبادتها، وقيل: هو يعلم خطأ ما أنتم عليه، وأنتم لا تعلمون الخطأ من الصواب لقلة التدبر «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا» قيل: العبد ليريد به الوثن وسمي به لأنه يعبد، عن الحسن، وقيل: بل المراد بالعبد الحي المملوك، وعليه أكثر المفسرين، ثم اختلف هَؤُلَاءِ، قيل: مثل ضربه اللَّه للمؤمن والكافر، فأما الكافر رزقه اللَّه مالاً ونعماً فلم يعمل خيرًا ولم يقدم طاعته «وَمَنْ رَزَقْنَاهُ» هو المؤمن رزقه اللَّه رزقاً حسناً فيكتسب الخير ويقدم الطاعات، فنبه بذلك على حالتهما، ودعا إلى حال المؤمن، وصرف عن حال الكافر، عن ابن عباس، وقتادة، وقيل: مثل ضربه اللَّه لعبادتهم الأوثان التي لا تملك شيئاً والعدول عن عبادة اللَّه الذي يملك كل شيء، عن مجاهد، وأبي علي، وقيل: المملوك العبد الغني «وَمَنْ رَزَقْنَاهُ» الحر، وتقديره: السيد الغني الذي أعطي المال فهو ينفق منه على عبده المحتاج لا يجوز أن يسوى بينه وبين عبده الذي لا يملك شيئاً مع اتفاق الجنس والصورة، وربما يكون العبد أنضر وجهاً وأحسن قامة، فكيف يسوى بين الحي القادر العالم وبين جماد ميت مع هذا التفاوت العظيم في الصفات، عن الأصم. «وَمَنْ رَزَقْنَاهُ» أعطيناه «رِزْقًا