التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم 76 ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير 77 والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون 78}

صفحة 4083 - الجزء 6

  وإنما ذكر هذه الجوارح الثلاثة قيل: لعظيم منزلتها، وقيل: لأنها طرق العلم ومحله «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» قيل: لتشكروا اللَّه على هذه النعم، والشكر حق المنعم، فلذلك جاز أن يطالب العبد به.

  · الأحكام: تدل الآيات وضرب المثل والدلائل على أن الواجب أن يعبد اللَّه وحده، وقبح عبادة غيره لوجوه:

  منها: قدرته على الخلق وخلقه الحيوان، ومن عجيب الصنع إخراج الجنين حياً من بطون الأمهات، ولقدرته على أصول النعم، ولإنعامه بذلك، ولكونه على صفة الإلهية، والأصنام أحجار لا نفع فيها ولا ضر ولا صفة توجب العبادة.

  وتدل على صحة الحجاج في الدين.

  وتدل على قدرته على البعث.

  وتدل على أنه أنعم بهذه النعم وأراد أن يشكروا، فدل أنه أراد من الجميع الشكر بخلاف قول الْمُجْبِرَةِ.

  وتدل على أن لكمال العقل مع سائر الأحوال الغرض به التكليف، فهو كالشاهد كما نقوله أن من هذا حاله ولا إلجاء ولا ما يقوم مقامه فلا بد من التكليف.

  وتدل على أن شكر النعمة واجب.

  وتدل على أنه المنعم على كل أحد خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة أنه منعم على المؤمنين دون الكفار.