التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم 98 إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون 99 إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون 100}

صفحة 4112 - الجزء 6

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الاستعاذة بِاللَّهِ من الشيطان الرجيم عند قراءة القرآن، وفي جميع الأحوال.

  وتدل على أن العبد فاعل في الحقيقة، لأن فعله وفعل الشيطان لو كانا خلقاً لله تعالى وموجباً عن القدرة، أو عن إرادته تعالى على ما تزعمه الْمُجْبِرَة، لكان أحق من يستعاذ منه هو اللَّه تعالى، لأنه يخلق الوسوسة في الشيطان، ويخلق الإجابة والمعصية في الإنسان، فتكون الاستعاذة منه عبثاً، لأن الشيطان ليس إليه شيء.

  ويدل قوله: {لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ} على بطلان قولهم: إن الشيطان يصرع ويتخبظ ويتمكن من ذلك، على ما جوزه الحشوية، وقد وافقهم على ذلك أبو الهذيل، وأبو بكر أحمد بن علي من أصحابنا.

  وتدل على أن من استعاذ بِاللَّهِ فلا سلطان له عليه، لأنه بلطفه يحفظه عن وساوسه، وإنما سلطانه على من يتبعه.

  (مسائل في التعوذ) منها: أن التعوذ سنة عند القراءة في الصلاة، وخارج الصلاة عند أكثر العلماء، وقال مالك: لا يتعوذ إلا في قيام رمضان.

  ومنها: التعوذ سنة قبل القراءة عند أكثر العلماء، وقال أبو هريرة: بعد القراءة، وهو قول داود ومالك.

  ومنها: التعوذ في الصلاة قال أصحابنا: مرة واحدة، وقال ابن سيرين: في كل ركعة.