قوله تعالى: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم 110 يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون 111 وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون 112}
  سنين، وقيل: في الخوف قصد الجيوش والسرايا من المسلمين إليهم، وما شن عليهم من الغارت، وقيل: كلموا رسول اللَّه ÷ وقالوا: هب الرجال عاديت فما بال النساء والصبيان، فأذن للناس في حمل الميرة إليهم، وروي أن النبي ÷ قال: «اللَّهم اشدد وطأتك على مضر، اللَّهم اجعل عليهم سنين كسني يوسف» فضربهم اللَّه بالسنين فأكلوا العلهز والعظام المحرقة، وقيل: ضرب مكة مثلاً لغيرها من البلاد؟
  ومتى قيل: أكان عقوبة؟
  قلنا: كان عقوبة للكفار محنة لغير المكلفين كالأمراض النازلة بهم.
  ومتى قيل: كيف قال في اللباس الذوق؟
  قلنا: الذوق على ما ينال الإنسان من محبوب ومكروه، وسواء كان مطعوماً أو غيره، وقد جاء في الخبر فيمن طعن غيره أو ضربه ذق.
  «بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ» أي: كان ذلك جزاء على صنعهم
  · الأحكام: تدل الآية على عظم محل الهجرة.
  وتدل على أن كل مفتون في كل بلد تلزمه الهجرة.
  وتدل على أن الهجرة تستحب بعد الفتح، ومنهم من قال: لم تنسخ، وإليه ذهب القاسم بن إبراهيم #.
  وتدل على أن بمجموع هذه الأمور تستحق الغفران بخلاف قول المرجئة.
  ويدل قوله: {تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} أن كل أحد يبذل جهده في دفع العقاب فلا يندفع.
  وتدل على أنه يعذب في الدنيا بالاستئصال، وأنه لا يعذب إلا بعد تقديم الإعذار والإنذار.