التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود 125}

صفحة 581 - الجزء 1

  والمثابة: من ثاب يثوب مثابة، وثاب: رجع، وأصلها مَثْوُبَة: مَفْعُلَة، فنقلت حركة الواو إلى الثاء، ثم قلبت على ما قبلها، ومثابة ومثاب قيل: معناهما واحد، كمقامة ومقام، عن الفراء والزجاج، وقيل: في مثابة مبالغة كما في قولهم:

  نَسَّابَة وعلَّامة.

  والمصلى: موضع الصلاة.

  والطائف: الدائر، طاف يطوف طوفًا وطوافًا: إذا دار حول الشيء.

  والعَكْفُ: مصدر عَكَفَ يَعِكُفُ بضم الكاف وكسرها عكفًا، إذا ألزم الشيء وأقام عليه فهو عاكف، وقيل: عكف إذا أقبل عليه لا ينصرف عنه بوجهه، والعاكف والمعتكف في المسجد، يقولون: اعتكف، ولو قيل: عكف كان صوابًا.

  · الإعراب: يقال: على أي شيء عطف «وَاتَّخِذُوا»؟

  قلنا: فيه أربعة أقوال:

  الأول: على قوله: «اذْكُرُوا نِعمتي» كأنه قيل لليهود: اذكروا نعمتي، واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى.

  الثاني: أنه من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم، كأنه قال: إني جاعلك، وقال:

  اتخذوا من مقام إبراهيم، عن الربيع بن أنس.

  الثالث: على معنى: «وَإذْ جَعَلْنَا الْبَيتَ» كأنه قيل: واذكروا إذ جعلنا واتخذوا.

  الرابع: على معنى: «مَثَابَة لِلنَّاسِ» كأنه قيل: توبوا واتخذوا.

  · النزول: عن عمر بن الخطاب ¥ أنه مر بالمقام مع رسول اللَّه ÷ فقال: