قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود 125}
  يا رسول اللَّه، أليس هذا مقام إبراهيم؟ فقال: «بلى»، فقال: أفلا نتخذه مصلى، عن الأصم. وعن عمر: وافقني ربي في ثلاث: قلت: لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى فنزلت: «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِيْرَاهِيمَ مُصَلًّى»، وقلت: لو حجبت أمهات المؤمنين فنزلت آية الحجاب، وقلت: لو حرم الخمر، فنزلت آية التحريم.
  · المعنى: لما ذكر تعالى حديث إبراهيم وما أنعم عليه، اتصل به حديث البيت، فقال تعالى: «وِإذْ جَعَلْنَا البَيتَ» يعني اذكروا إذ جعلنا البيت يعني الكعبة، والألف واللام للعهد «مَثَابَةً» قيل: مرجعًا يثوبون إليه كل عام، وقيل: لا ينصرف عنه أحد وهو يرى أنه قضى منه وطرًا، وهم يعودون إليه، عن ابن عباس ومجاهد. وقيل: يثوبون إليه يرجعون دائمًا، صار كذلك بأمر اللَّه عباده بالمصير إليه لمنافع دينهم ودنياهم، فبذلك جعله مثابة لهم، عن أبي علي. وقيل: يحجون إليه فيثابون عليه، وقيل: «مَثَابَةً» مجمعًا، عن قتادة وعكرمة. وقيل: معادًا وملجأ، والمعنى في الكل يرجع إلى أنهم يثوبون إليه مرة بعد مرة «وَأَمْنًا» قيل: مأمنًا يأمنون فيه، واختلفوا فقيل: لأمر اللَّه تعالى لترك التعرض لمن دخل فيه، حتى [إنه] لا يقام [عليه] الحد حتى يخرج، وقيل: لِمَا جعل في نفوس العرب من تعظيمه، فكان من فيه آمنًا على ماله ودمه، ويُتَخَطَّفُ الناس من حوله، وقيل: جعلهم بحيث لا يكون فيه حدث، وتجبى إليه ثمرات كل شيء «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى» قيل: الحرم كله مقام إبراهيم، عن مجاهد.
  وقيل: الحجر مقام إبراهيم، عن ابن عباس. وقيل: مقام إبراهيم عرفة والمزدلفة والجمار، عن عطاء. وقيل: المسجد كله مقام إبراهيم، وقيل: مقام إبراهيم هو الحجر الذي فيه أثر قدم إبراهيم، وذلك أن زوجة إسماعيل وضعته تحت قدمه حتى غسلت رأسه وهو راكب فغسلت شق رأسه، ثم وضعته من الجانب الآخر، وغسلت الشق الآخر، فغابت رجلاه في الحجر، فجعلها اللَّه من شعائره، عن الحسن وقتادة