التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا 4 فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا 5 ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا 6 إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا 7 عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا 8}

صفحة 4163 - الجزء 6

  هلك بعد سبع سنين، واستخلف [بخت نصر] ابن ابنه، فلبث سبع عشرة سنة، وهلك ملك بني إسرائيل، ومرج أمر بني إسرائيل وتنافسوا الملك، وقتل بعضهم بعضاً، فقام شعيا فيهم خطيباً، ووعظهم بعظات بليغة، وأمرهم ونهاهم فهموا بقتله، فهرب ودخل شجرة فقطعوا الشجرة بالمنشار، فبعث اللَّه إليهم أرميا، وهو خضر من سبط هارون، وملك عليهم ملكاً، وخرج أرميا لما رأى من أمرهم، ودخل [بخت نصر] وجنوده بيت المقدس وأفناها، وخربها، وقدم بابل، ومعه سبايا بني إسرائيل، فكانت هذه الوقعة الأولى، وقيل: كان [بخت نصر] مسكيناً ببابل فبلغ ما بلغ، وقيل: بعثه ملك بابل إلى بيت المقدس ففعل الأفاعيل، فلما رجع وقد هلك الملك ملكوه، وقيل: كان سببه قتل يحيى #، وذلك أن ملك بني إسرائيل أراد أن يتزوج بنت امرأته فنهاه يحيى وبلغ أمها، فحقدت عليه، وبعثته على قتله، فقتل وقدم [بخت نصر] بابل بالسبايا وفيهم دانيال وغيره، ثم هلك [بخت نصر]، واختلفوا في سبب موته، قيل: قتله بوابه، وكان أمره بقتل دانيال، وقيل: قتله بعوضة، وقيل: الذي غزا بني إسرائيل في المرة الأولى [بختنصر]، وفي المرة الأخيرة ملوك فارس والروم، وذلك لما قتلوا يحيى # أتاهم ملك الروم، فقتل منهم مائة ألف وثمانين ألفاً، وخرب بيت المقدس، فلم يزل خراباً حتى بناه عمر بن الخطاب فلم يدخله بعد ذلك رومي إلا خائفاً، وقيل: غزاهم أولا جالوت، وآخرا [بخت نصر]. واللَّه أعلم.