قوله تعالى: {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود 125}
  وتدل على أن التعبد بأن يثاب إليه، ثم ليس في الآية أن يثاب للحج أو العمرة أو الطواف أو الصلاة، فصارت من باب المجمل يحتاج إلى بيان، وقيل: إن الأقرب أن المراد الطواف؛ لأنه يختص بالبيت لمن ثاب إليه.
  ويدل قوله: «أَمْنًا» على حصول أمن، ثم يحتمل أن يكون ذلك تعبدًا بأن أمر أن يُؤَمَّنَ مَنْ دَخَلَهُ، ويحتمل أنه من فِعْلِهِ تعالى، ثم ينقسم إما أن يريد أنه لا يلحقهم حدث، أو عَظَّمَ حرمته في القلوب حتى تركوا التعرض، أو لطف في ذلك فحينئذ يكون خبرًا، ولا يكون تعبدًا.
  ويدل قوله: «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى» على تعبد، والأقرب أنه الصلاة التي تختص بتلك البقعة عقيب الطواف؛ لأنه مختص بالمقام، ولخبر عمر.
  ويدل قوله: «طهرَا بَيتِي» على وجوب تطهيره مما يمنع صحة الصلاة والطواف؛ لأنهما المختصان به، ولذلك قال: «لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكفِينَ،» ثم ذلك قد يكون من النجاسة، وقد يكون من الأوثان، وإن كان الأول أقرب؛ لأنه يختص بالمنع من الصلاة.
  وقد استدل بعضهم بها على وجوب العمرة، ولا دليل له فيها لا ظاهرًا ولا مفهومًا.
  وتدل الآية على أن من لجأ إلى الحرم وقد وجب عليه حد أو قصاص لا يُتَعَرَّضُ له، ولكن يُضَيَّقُ عليه حتى يخرج.
  وتدل على وجوب تطهير البيت عما لا يليق به من الصبيان والمجانين، وكذلك من اللعب والمآثم.
  وتدل على كراهية الصلاة في البيت على الميت على ما يقوله أبو حنيفة؛ لأنه لا يؤمن خروج نجاسة منه.