التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا 9 وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما 10 ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا 11 وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا 12}

صفحة 4168 - الجزء 6

  والقمر وإن كان نيرًا خصوصاً في أيام البيض فبالإضافة إلى الشمس كأنه يمحو، وقيل: محو القمر للسواد الذي فيه، عن علي # وابن عباس.

  «وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً» قيل: مضيئة للأبصار، وقيل: أهل بصر فيه، كما يقال: رجل مخبث، أي: أهله خبثاء، ومضعف أي: دوابه ضعفاء، وقيل: مضيئة منيرة «لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ» أي: رزقًا «وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ» أي: لتعلموا التواريخ والسنين والأشهر والأيام والآجال، ولولا الليل والنهار لما علم شيء من ذلك، «وَكُلَّ شَيءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً» أي: بينا الدلالات وأوضحناها بياناً شافياً ليقف الناس عليها.

  · الأحكام: تدل الآية أن ما دل عليه القرآن هو أقوم وأحسن وهو الإسلام وشرائعه.

  وتدل على أن البشارة بالجنة لمن آمن وعمل صالحاً خلاف ما تقوله المرجئة.

  وتدل على أن الثواب والعقاب جزاء الأعمال خلاف ما تزعمه الْمُجْبِرَة.

  وتدل على أن للعبد عمل فيبطل قولهم في المخلوق.

  ويدل قوله: «ويدع» عن النهي عن العجلة في الأمور، وعن الدعاء بالسرعة والضجر، وروى الأصم أن النبي ÷ أودع سودة بنت زمعة أسيرًا فكثر أنينه، وكان مكتوفاً بقد، فقالت: ما لك لا تنام، فقال: أكل القد يدي، فرحمته، وأرخت من كتافه، فلما نامت هرب، فقال النبي ÷: «ما لها قطع اللَّه يدها»، فرجعت سودة تنظر إلى يدها تنتظر الدعاء، فأخبر بذلك رسول اللَّه ÷ فقال: «مروها فلتسكن فإني سألت