التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا 13 اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا 14 من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا 15}

صفحة 4170 - الجزء 6

  يعني يلقى الإنسان ذلك الكتاب أي: يؤتاه، وقرأ الباقون بفتح الياء وسكون اللام خفيفة القاف بمعنى يراه.

  وقراءة العامة {طَائِرَهُ} بالألف، وعن الحسن ومجاهد وأبي رجاء العطاردي: «طيره» بغير ألف والمعنى واحد.

  · اللغة: الإنسان: قيل: حيوان على صورة الإنسانية، وقد يكون حيوان ليس بإنسان، وصورة إنسان وليس بحيوان، وقيل: ذو صورة بصورة الإنسان، يسمى إنساناً، وإن كان غير حيوان، والأول الوجه.

  والطير: جمع طائر، وطائر الإنسان عمله، والطير التطير من الشيء، واشتقاقه من الطير كالغراب ونحوه، وقيل: الطائر ما قضي أنه يطير إليه، وقد يقال: طيرت المال بين القوم، وطائر لفلان كذا، أي: قدرته فصار له، ومنه الحديث: «فأطرت الحلة في نسائي» أي: قسمتها، عبر عنه بالطائر على عادة العرب فيما كانت تتفاءل أو تتشاءم به من سوانح الطير وبوارحها، وللعرب مذهب في زجر الطير، والاستدلال به على الأمور.

  والعنق: عبارة عن النفس، وعن العضو، والعرب تقيم الرقبة والعضو مقام الذات، يقال: أعتقت رقبة، وطوقت عنقي أمانة، قال أبو حنيفة: إذا قال: رقبتك حر، أو عنقك، أو رأسك عتق، لأنه يعبر به عن جميع البدن، ولو قال: يدك أو شعرك لا يعتق؛ لأنه جزء بمعنى لا يعبر عن البدن، وقال الشافعي: يعتق وهما سواء.