قوله تعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا 13 اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا 14 من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا 15}
  ومنها: قوله: (مَّن اهْتَدَى - وَمَن ضَلَّ) فأضافهما إليه، ولو كان خلقهما فيه لكان إضافتهما إلى الخالق أولى.
  ومنها: قوله: {لِنَفْسِهِ} فأضاف النفع والضر الذي يتفرع عن عمله إليه، وأنه الجالب على نفسه ذلك، فلو كان هو الخالق لم يكن لهذا فائدة.
  ومنها: قوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الآية، ولو كانت هذه الأفعال خلقه، لكان كل أحد مأخوذاً بفعل غيره.
  ومنها: قوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} أراد قطع العذر وإلزام الحجة، فلو كان الإيمان والكفر خلقاً لله تعالى لم يكن للبعثة فائدة، ولا فيها قطعاً للعذر، لأنه يقول: لو خلقت فيَّ الإيمان ولم تخلق الكفر كنت مؤمناً، سواء كان ثَمَّ رسول أو لم يكن، ولو خلقت الكفر ولم تخلق الإيمان لم يكن مؤمناً، ولو ملأت الدنيا بالرسل فأي قطع للعذر بالإرسال، وهذا عذر واضح إن كان الأمر على ما تزعمه الْمُجْبِرَة من هذا. ثم كيف يقطع العذر وقد خلق فيه الكفر والقدرة الموجبة للكفر وأراد منه الكفر، فعصاه ومنعه الإيمان فلم يعطه قدرة الإيمان، ولا أراد منه الإيمان فكل واحد من هذه الوجوه موجبة فكيف يحتج على العبد، تعالى اللَّه عن قولهم علواً كبيرًا.