التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا 16 وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا 17 من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا 18 ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا 19}

صفحة 4177 - الجزء 6

  قال أبو عبيدة: والأولى قراءة العامة، لأنه يجمع المعاني الثلاثة الأمر والإمارة والكثرة.

  · اللغة: الترفه: النعمة، وأترفوا فيها، أي: نعموا، قال ابن عرفة: المترف المتروك يصنع ما يشاء لايمنع منه، وإنما قيل للمتنعم: مترف، لأنه مطلق لا يمنع من تنعمه.

  والدمار: الهلاك، ونظيره: التبار والبوار، يقال: دمر القوم يدمرون دمارًا ودمورًا، ويكون الدمور الدخول بلا إذن، ومنه الحديث: «من نظر في صير باب فكأنما دمر» أي: دخل بغير إذن.

  والذم: العيب، ذممت فلاناً أذمه ذماً، وهو ذميم، ونقيض الذم المدح، ويقال: افعل هذا وخلاك ذمي، أي: ولا ذم عليك، وفي حديث عبد المطلب أنه رأى في المنام: احفر زمزم لا تنزف ولا تذم، فيه ثلاثة أقوال: أولها: لا تعاب من قولك: ذممته. الثاني: لا تلقى مذمومة، يقال: أذممته وجدته مذموماً. الثالث: لا يوجد ماؤها قليلاً من قولك: بئر ذمة، قليلة الماء، والذمة بكسر الذال: الضمان والعهد والأمان.

  والدحر: الطرد والإبعاد، والمدحور: المطرود المبعد، ويُقال: اللَّهم ادحر عنا الشياطين أي: أبعدهم، ومنه: {لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ}⁣[الصافات: ٩ - ٨]. أي: مبعد.

  · الإعراب: يقال: لماذا دخلت الباء في قوله: {وَكَفَى بِرَبِّكَ