قوله تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا 16 وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا 17 من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا 18 ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا 19}
  قلنا: دخلت للمدحْ، كما تدخل في قولك: ناهيك به رجلاً، وجاد بثوبك ثوباً، وطاب بطعامك طعاماً، وأكرم به رجلاً، وهي في كل هذا في موضع رفع.
  {مَذْمُومًا مَدْحُورًا} نصب على الحال، وقوله: {خَبِيرًا بَصِيرًا} نصب على التمييز، وقيل: أراد: (من خبير) فلما حذفت (من) نصبت.
  · النزول: قيل: نزل قوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ} الآيات في قوم من المهاجرين طلبوا عاجل الدنيا، وهو الغنائم دون ثواب اللَّه.
  · النظم: يقال: كيف تتصل الآيات بما قبلها؟
  قلنا: فيه وجهان:
  أحدهما: أنها تتصل بما تقدم من قصة بني إسرائيل فيما فعل بهم في المرة الأولى والثانية على ما تقدم، فبين أن فعله بهم عند الإفساد موافق لعادته فيمن يريد إهلاكه، فإنما يهلك القرى إذا أمر مترفيها ففسقوا فيها عن أمره، فيكون إهلاكاً بالاستحقاق لا على الابتداء، عن أبي مسلم.
  وقيل: تتصل بما قبله {حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} أي: لا نعذب إلا بعد إرسال الرسل، وتقديم الأمر والنهي وإتمام النعمة وإظهار العصيان منهم.
  · المعنى: «وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا» لما لم يجز تقديم إرادة العذاب على المعصية لأنه عقوبة عليها فيما لم توجد لا يحسن العقاب، وما لم