قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير 126}
  وأخربته تركته حتى خرب. والرابع: أن يكونا بمعنى واحد كسميت وأسميت.
  والخامس: أن ينفرد أحدهما عن الآخر، كقولك: كلمت ليس فيه أفعلت، وأجلست ليس فيه فعلت.
  والاضطرار: فِعْلٌ لا يتهيأ له الامتناع منه.
  وصار يصير مصيرًا على قياس رجع يرجع مرجعًا، والمصير المآل، يقال: صار أمره إلى كذا، أي آل ورجع.
  · الإعراب: «مَنْ آمَنَ» محله نصب؛ لأنه بدل من أهله، قال الأخفش: هذا بدل البعض عن الكل.
  و «قليلًا»: نصب لأنه صفة لمحذوف، ويجوز فيه وجهان: أحدهما أن يكون المحذوف مصدرًا تقديره إمتاعًا قليلاً، أو زمانًا تقديره: زمانًا قليلاً.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما دعا به إبراهيم لأهل مكة فقال تعالى: «وِإذْ قَالَ إِبْراهِيمُ» أي اذكر إذ قال إبراهيم «رَبّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا» يعني مكة «آمِنًا» يعني مأمونًا من أهله، ومن دخل فيه، وقيل: إنما صار حرمًا آمنًا بدعاء إبراهيم، وقبلها كانت كسائر البلاد يدل عليه قوله ÷: «إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة» وقيل: كان الحرم آمنًا قبل دعوة إبراهيم، وأكده إبراهيم بالدعاء، يدل عليه ما روي عن النبي، ÷ أنه قال لما فتح مكة: «إن مكة حرام حرمها اللَّه يوم خلق السماوات والأرض» الخبر، وقيل: كانت حرامًا قبل الدعوة بوجه غير الوجه الذي صارت به حرامًا بعد الدعوة، فالأول بمنع اللَّه إياها من الاصطلام، وبما جعل في النفوس من التعظيم، والثاني: بالأمر على ألسنة الرسل، فأجابه اللَّه تعالى إلى ما سأل.