قوله تعالى: {كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا 20 انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا 21 لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا 22}
  ثم بين تعالى أنه مع إعطائه الجميع من نعمه قد يفاضل في الدنيا للمصلحة، وخص المؤمنين بنعيم الأبد، فقال سبحانه: «انظُرْ» يا محمد، وقيل: أيها الإنسان، أو أيها السامع «كَيفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ» قيل: في الرزق، فأغنى بعضهم وأفقر آخرين حتى احتاج إلى تحمل المشاق، وقيل: الصحيح والسقيم، والغني والفقير، عن الأصم، وقيل: فضلنا المؤمنين الَّذِينَ طلبوا الدار الآخرة بإعطائها على طالب الدنيا «وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَات» أي: درجاتها ومراتبها أعلى وأفضل، وهي تستحق على قدر الأعمال «وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا» قيل: التفضيل في رفع الدرجات بكثرة الثواب، وقيل: إن بعض الدرجات أعلى من بعض، وروي أن بين أعلى درجة في الجنة وأسفلها مثل ما بين السماء والأرض.
  ثم أمر تعالى بالتوحيد الذي هو الأصل، والذي يستحق به الجنة، فقال سبحانه: «لاَ تَجْعَلْ» قيل: هو خطاب للنبي ÷، والمراد غيره، وقيل: أراد لا تجعل أيها الإنسان، أو أيها السامع، وقيل: المراد هو وغيره، وفائدته إذا علم المكلف أنه مع جلالة نبي ولا يقدر فغيره أولى «مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ» أي: لا تعبد مع اللَّه غيره، وقيل: لا تصفه بالشريك، «فَتَقْعُدَ» أي: تبقى عاجزاً «مَذْمُومًا» يذمك اللَّه والملائكة والعلماء «مَخْذُولاً» لا ناصر لك، وقيل: تذم نفسك ويسلمك أعوانك.
  · الأحكام: تدل الآية أنه تعالى متكفل بأرزاق خلقه على اختلاف أحوالهم من الإيمان والكفر، لأن ذلك تفضل واستصلاح لا تعلق له بالعمل.
  وتدل على أنه غير محظور من الكل وإنما المحظور هو الثواب فلا يستحق إلا بالعمل الصالح.
  وتدل على أن التفاوت في الرزق بحسب المصالح.