التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا 34 وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا 35 ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا 36}

صفحة 4206 - الجزء 6

  منها: خطر التصرف في مال اليتيم إلا بما يعود نفعه عليه.

  ومنها: جواز تصرفه بالأحسن، وهو الأنفع بأن يحفظ أو يتجر، أو يدفع بضاعة أو شركة، أو مزارعة، أو مضاربة ونحو ذلك مما يؤدي إلى تنمية ماله.

  ومنها: أن منع اليتيم من ماله موقوف على مدة، وهو بلوغه وإيناس الرشد منه، وبعد ذلك التصرف موقوف عليه وعلى إذنه.

  ومنها: أنه مسؤول عما عهد إليه في ذلك.

  ويدل قوله: «أوفوا» على وجوب إتمام الكيل والوزن في المعاملات، وفيما يجب عليه من حقوق العباد، فيدخل فيه المعاملات، كالمداينات، والبياعات، والإجارات، ويدخل فيه الغنائم، والزكوات، فأما الشرعيات كالهبات والصدقات، فلا يدخل فيه، لأن كلاهما اتباع لما لا يعلم فيدخل فيه الكلام في أصول الدين وفروعه، والفتيا، والشهادات، ويدخل فيه الغيبة، ويدخل فيه روايات الأخبار.

  ومتى قيل: أليس العلم بأخبار الآحاد والقياس والاجتهاد مظنون وليس بمعلوم؟

  قلنا: دل دليل قاطع على وجوب العمل به، فهو معلوم وجوبه، والظن في طريق الخبر لا في وجوب العمل.

  ويدل على شرف العلم وقوع الحاجة إليه في كل أمر.

  ومتى قيل: هل يجب هذا في أمور الدنيا والدين؟

  قلنا: لا، إلا فيما يتعلق به تكليف، فأما طلب المنافع فيجوز أن يتبع الظن، وكذلك دفع المضار.