التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا 37 كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها 38 ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا 39 أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما 40}

صفحة 4212 - الجزء 6

  وتدل على أنه تعالى مريد وكاره حقيقة خلاف ما تقوله البغدادية.

  ويدل قوله: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ} أن القرآن كلام اللَّه أوحى به إلى رسول اللَّه ÷، فيدل على أنه كلامه، خلاف قول الباطنية أنه كلام رسول اللَّه ÷.

  ويدل على حدثه لأن القديم لا يصح أن يوحى به وينزل.

  ويدل قوله: (كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا) أنَّه لا يجوز أن يضاف إليه تعالى ما لا يرتضيه لو أضيف إليه، وهذا أبلغ ما يكون في الرد على الْمُجْبِرَة، لأنهم لا يرضون إضافة القبائح إليهم، ثم يضيفونها جميعها إلى اللَّه تعالى، ويقولون: خلقها وأرادها وقضاها وقدرها وزينها، وأضل عن الدين والإيمان ولم يردها، وبعث الرسل وأراد أن لا يقبلوا منها، بلْ أراد [قتلها] وتكذيبها وكل كفر وفاحشة في الدنيا فهو من اللَّه تعالى، ولا تأثير للعبد في إيجادها، وإذا ضاق بهم الأمر ورأوا أن مذهبهم يؤدي إلى بطلان الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والثواب والعقاب، وبعثة الأنبياء والرسل والمواعظ، تعلقوا بلطف لا طائل تحته إذا استفسر ففسر قالوا: إنه كسب لنا وإن كان خلقاً له تعالى، فقلنا لهم: فما معنى قولكم: