التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا 41 قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا 42 سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا 43 تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا 44}

صفحة 4217 - الجزء 6

  الإنسان، فإنه يجب على كل مكلف أن يحتج عليهم بذلك، عن أبي مسلم. «لَوْ كَان مَعَهُ آلِهَةٌ» أي: مع اللَّه «كَمَا يَقُولُونَ» أنتم وهم على القراءتين (إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا) قيل: لطلبوا الآلهة إلى رب العرش طريقاً تقربهم إليه لعلوه عليهم، وعظمته عندهم، والتمسوا الزلفة عنده، عن قتادة، والأصمِ، والزجاج، وقيل: «لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا» إلى مقاومته، كقوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}⁣[الأنبياء: ٢٢] عن الحسن وجماعة، وهذا إشارة إلى دليل التمانع، وهو العمدة في نفي الاثنين، لذلك قلنا: إن هذا الوجه أولى.

  ثم نزه نفسه فقال: «سُبْحَانَهُ» أي: تنزه «عَمَّا يَقُولُونَ»، وتعالى عن قول هَؤُلَاءِ «عُلُوًّا كَبِيرًا»، «تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ» قيل: أراد من يعبده من أهلها، عن الأصم، وقيل: تنزهه بما يدل على تنزيهه من كونه إلهاً واحداً لا شبيه له، عن أبي علي وغيره، وهذا أولى لأن الآية عامة «وَالأَرْضُ» أراد الأرض السبع، فاقتصر على أحد اللفظين لعلم السامع ودلالة الكلام عليه، وقيل: تسبح له الجمادات والحيوانات أجمع قولاً، وهذا لا شيء لأن من ليس بحي لا يصح منه النطق والتسبيح، وكذلك كل ما لا يعقل، ولأن التسبيح من طريق الدلالة أقوى، لأنه يؤدي إلى العلم والتمدح به أعظم، والدلالة فيه أكبر، لأنه يدل على جميع