التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا 41 قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا 42 سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا 43 تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا 44}

صفحة 4218 - الجزء 6

  صفاته، والقول بخلاف ذلك. «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ» أي: يدل على تنزيهه بآثار قدرته «بِحَمْدِهِ» أي: ويدل على أنه المنعم فكأنه يحمده، فآيات صنعه تدل على صانع حكيم منعم على خلقه، وقد جاء مثل ذلك في كلام العرب، قال اللَّه تعالى: {قَالَتَا} {أَتَيْنَا طَائِعِينَ}⁣[فصلت: ١٢] وقال الشاعر:

  اِمْتَلَأَ الحوْضُ وَقَالَ قَطْنِي

  وقال آخر:

  فَقَالَتْ العَيْنَانُ سَمْعًاَ وطَاعَهْ

  وقال تعالى: {وَتَقُولُ هَل مِن مَّزِيدٍ}⁣[ق: ٣٠] والمراد في جميع ذلك لما يظهر من آثاره فكأنه ينطق بذلك، وقد قال بعضهم: سل الأرض من شق أنهارك، وغرس أشجارك، وأينع ثمارك، فإن لم تجبك حوارًا أجابتك اعتبارًا. وقيل: أراد به الأحياء، عن الحسن. «وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ» أي: لا تعلمون ذلك لأنكم لا تتفكرون فيها «إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا» يمهلهم ولا يعاجلهم بالعقوبة مع كفرهم وعنادهم بنعم اللَّه غيره، عن الأصم، وأبي علي. «غَفُورًا» يستر عليهم ما يقولون، وقيل: يعفو عنهم إن تابوا.