التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا 49 قل كونوا حجارة أو حديدا 50 أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا 51 يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا 52}

صفحة 4231 - الجزء 6

  الصيحة التي يسمعونها، فتكون داعية لهم إلى الاجتماع إلى القيامة «فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ» أي: تجيبون مضطرين صاغرين «بِحَمْدِهِ» أي: حامدين اللَّه تعالى على نعمه، وأنكم موحدون لم يكن منكم كفر، فتحمدون اللَّه وتستجيبون، كقولهم:

  جاء بغضبه أي: جاء غضباناً، وقيل: تستجيبون على ما يقتضي الحمد لله، أي: لحالة توجب الحمد لله من العدل والإنصاف والانتصاف، وقيل: تحمدونه حيث لا ينفعكم الحمد، وقيل: بأمره، عن ابن عباس، وقيل: بمعرفته وطاعته، عن قتادة، والأصم، ومعناه: تعترفون بنعمه ووجوب طاعته وحمده «وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إلَّا قَلِيلًا» في الدنيا والقبر، وإنما هو تقريب الوقت، كما قال الحسن: كأنك بالدنيا لَم تكن، وكأنك بالآخرة لم تزل، وقيل: لما يرون من سرعة الرجوع يظنون قلة اللبث في القبور، وقيل: معناه احتقارًا من الدنيا حين عاينوا يوم القيامة، عن قتادة، وقيل: إن لبثتم إلا قليلاً لطول لبثكم في الآخرة، عن الحسن، وقيل: لأنهم لم يعلموا قدر لبثهم في القبر لأنهم كانوا أمواتاً، عن الأصم، وأبي علي.

  · الأحكام: تدل الآية على بطلان قولهم في إنكار البعث، فأوضح الدليل، وهو ما ذكرنا إذا كان هو قادرًا لذاته، والشيء مما يجوز عليه الإعادة، فما المانع من الإعادة بعد الفناء، وإذا كان عالماً بالآخرة وقادرًا على جنس الحياة فما المانع من أن يجمع الأجزاء ويخلق فيه الحياة، وكل ذلك ظاهر لمن تدبره.