التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا 53 ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا 54 وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داوود زبورا 55 قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا 56 أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا 57}

صفحة 4236 - الجزء 6

  تقدم ذكرهم في الآية الأولى، عن أبي علي، تقديره: أن الأنبياء مع محلهم لا يعبدون إلا اللَّه فإنهم أولى أن لا يعبدوا غير اللَّه، قيل: ذكرهم بهذه الخصال حثاً على الاقتداء بهم «يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ» أي: يطلبون القربة. إلي اللَّه بفعل الطاعات «أَيُّهُمْ أَقْرَبُ» أي: ليظهر أيهم الأفضل والأقرب منزلة «وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ» نعمته إن أطاعوا. «وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ» إن عصوا، أشار إلى أنهم يعملون عمل العبيد فكيف يتخذونهم آلهة «إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا» أي: من حقه أن يحذر منه لصعوبته، وقيل: ينبغي أن تحذر منه، لأنه لا أمان منه.

  · الأحكام: يدل أول الآيات على وجوب القول بالأحسن، وقد بينا ما قيل فيه، ومتى حمل على الجميع كان أولى إذ لا تنافي، وعن بعضهم قال: لم يرض اللَّه بأن أمر بالحسن حتى أمر بالأحسن، وقد يكون حسن أحسن من حسن خلاف ما قال بعضهم، فالآية تحجه، فالفرائض أحسن من النوافل، والنوافل أحسن من المباحات.