التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا 58 وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا 59 وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا 60}

صفحة 4241 - الجزء 6

  وقيل: فيما أنزل من الكتب، عن الأصم، وقيل: في القرآن، وقيل: في كتب التوراة، كما في القرآن ليصدق إحدى الكتابين الآخر حجة على اليهود. قيل:

  مكتوباً، وقيل: أمرًا واجباً، ذكر الوجهين أبو مسلم.

  «وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ» فيه أقوال:

  أولها: أنا لا نرسل بالآيات وهي المعجزات التي سألتها قريش من تحويل الصفا ذهباً وغيرها، لأنا لو أرسلنا، ثم كذبوا أهلكناهم كسبيلنا فيمن كان قبلكم حيث سألوا المعجزات فأجبناهم فكذبوا فأهلكناهم، عن الأصم، وأبي علي وجماعة، قال أبو علي، وإنما لم يرسل ولم يعذب، لأنه علم أن فيهم من يؤمن ويلد مؤمناً.

  وقيل: أراد بقاء هذه الأمة، وتأخير العذاب إلى يوم القيامة، فلم ينزل ما اقترحوا، ولم يعذبوا رحمة منه وفضلاً.

  وثانيها: أنه لا يرسل بالآيات لأن آباءكم وسلفكم سألوا مثلها، فلما رأوها لم يؤمنوا، وأنتم على آثار أولئك الأسلاف مقتدون بهم، فكما لم يؤمنوا هم لا تؤمنون أنتم، عن أبي مسلم.