قوله تعالى: {وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا 58 وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا 59 وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا 60}
  وعن ابن مسعود: (إذا ظهر الربا والزنا في قرية أذن اللَّه في هلاكها).
  ويدل قوله تعالى «وما منعنا» على قولنا في اللطف، لأنه يبين أنه إنما لا يرسل بالآيات لأنهم لا يؤمنون، دل أنهم لو آمنوا لأرسل، فلذلك أكده بقصة ثمود، وأيده بقوله: {إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ} فيعلم ما هو الأصلح ليفعل ذلك لا ما تمنوا.
  ويدل قوله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا} على شيء رآه، وصارت فتنة وامتحاناً، وقد بينا ما قيل فيه، والأولى ما قاله أبو علي، لأن الرؤيا إذا أطلقت فهم منها رؤيا النوم وإن كان تحتمل غيره.
  ويدل قوله: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ} على إثبات شجرة، وأكثر المفسرين على أنها شجرة الزقوم كما وصف في (الصافات)، وما تهذي به الملحدة من إنكار شجرة في النار فإنما أتوا في ذلك لنفيهم الصانع، ولو علموا أنه تعالى قادر على ما يشاء وأن الشجر إنما ينبته هو بفعله لا تأثير للماء والأرض فيه إلا من طريق العادة، وليس شيء من ذلك بموجب، فإذا ثبت ذلك ثبت أنه يجوز أن ينبته في النار، ويمنع النار من إحراقه، ولكون. ذلك تخويفاً وزجرًا مقابلاً لما في الجنة من شجرة طوبى.