التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا 61 قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا 62 قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا 63 واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا 64 إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا 65}

صفحة 4254 - الجزء 6

  بعث ولا حساب، حكاه الأصم. ويحمل على جميع ذلك؛ لأن جميعه وسوسة إبليس «وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا» أي: باطلاً وخديعهّ؛ لأن كلها تبطل ولا تغني عن عذاب اللَّه شيئاً «إِنَّ عِبَادِي» قيل: أراد أهل الفضل والدين الَّذِينَ لا يتبعون الشيطان، وأضافهم إلى نفسه تشريفاً «لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ» قوة ونفاذ لأنهم يعلمون أن مواعيدك باطلة فلا يتبعونك، وقيل: عبادي من توكل عليّ واتبع أمري، في معنى قول الأصم، وأبي مسلم. وقيل: بل يتناول سائر المكلفين، عن أبي علي، قال: وليس له عليهم حجة ولا قوة، ولا يمكنه أن يضلهم، وإنما يوسوس إليهم، فمن تبعه فمن قبل نفسه أُتي «وَكَفَى بِرَبّكَ وَكيلاً» قيل: حافظاً لهم ومانعاً يحفظه من إبليس، عن أبي علي. ومن كان هو حافظه بألطافه فلا يتبع الشيطان ولا يغتر بوساوسه، وقيل: ملجأ يلجؤون إليه عند وسوسة الشيطان، عن الأصم. وقيل: ثقة وعوناً.

  · الأحكام: الآية تدل على تشريف آدم وأمر الملائكة بالسجود له، وذلك سجود تحية لا سجود عبادة.

  وتدل على عصيان إبليس، وأنه وإن لم يكن من الملائكة فكان مأمورًا بالسجود معهم.