التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما 66 وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا 67 أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا 68 أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا 69}

صفحة 4257 - الجزء 6

  والبحر: أصله الشق على سعة، ومنه البحيرة، والبحر لاتساع أطرافه وجوانبه.

  والحاصب: حجارة يحصب بها أي: يرمى بها، حصبه بالحصى يحصبه حصباً إذا رماه رمياً متتابعاً، والحاصب والحصباء واحد، والحاصب دون الحصب، والحاصب فاعل الحصب، قال [القتبي]: الحاصب الريح الذي يأتي بالحصباء، وهي الحصى الصغار، قال الفرزدق:

  مستقبلين شَمَالَ الشَّامِ [تَضْرِبُنَا] ... بحَاصِبٍ كنَديفِ القُطْنِ [مَنْثُورِ]

  والقاصف: الكاسر بشدة، قصفه يقصفة قصفاً فهو قاصف، وتقصف شعره تقصفاً.

  والتبيع: فعيل من الإتباع، وهو مأخوذ من السخل يتبع أمه، وهو كنصير وكفيل ونحوه.

  · المعنى: لما تقدم ذكر الشيطان وحذر من اتباعه، وذكر مشركي العرب وعبادتهم الأصنام، احتج عليهم بدلائل التوحيد حثاً على اتباع أمره، فقال سبحانه: «رَبُّكُمُ» أي: خالقكم ومدبركم «الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ» قيل: يزجي يجري لكم السفن، عن ابن عباس، وقتادة، وابن زيد، وجماعة المفسرين. «لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ» من رزقه مما يحصل في البحر وبالتجارات والسفر في البحر «إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً» أي: منعماً عليكم.