التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا 70 يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا 71 ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا 72}

صفحة 4266 - الجزء 6

  الصواب أعمى «فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سبيلاً» أي: من عمي في الدنيا عن آياته وضل فهو في الآخرة أعمى لأنه ممنوع، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد. وقيل: من كان أعمى في هذه النعم فهو في نعم الآخرة الموعود بها أعمى أشد عمى، عن الضحاك. وقيل: من كان في هذه الدنيا ضالاً فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا لأنه لا تقبل توبته، عن الحسن. وقيل: من كان في الدنيا أعمى عن اعتقاد الحق فهو في الآخرة أعمى عن طريق الجنة أي: أشد عمى، عن أبي علي. يعني أنه إذا كان في حال الانتفاع بالعمل أعمى ففي الآخرة والعمل لا ينفع كان عماه أشد، وقيل: من كان في الدنيا أعمى عن المعارف فهو في الآخرة أعمى يحشر على جهله حتى يضطره اللَّه إلى معرفته، وقيل: من عمي في الدنيا عَمَّا خلق له في التوحيد والعدل وعبادة اللَّه تعالى فهو في الآخرة أعمى عما خلقت له في الآخرة وهو الجنة، وقيل: من كان في هذه الدنيا أعمى عن الحق فهو يحشر في القيامة أعمى عقوبة على ضلالتهم في الدنيا، عن أبي مسلم. يحققه قوله: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}⁣[طه: ١٢٤] ثم يجوز أن يحشروا عمياً ثم يبصرونهم ليروا أهوال يوم القيامة، وقيل: إنه عبارة عن الغم المفرط، فإذا لم ير إلا ما يسوؤه فكأنه