التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا 73 ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا 74 إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا 75}

صفحة 4272 - الجزء 6

  يهتدون بهدى اللَّه ويثبتون بألطافه «شَيئاً قَلِيلًا» ركوناً قليلاً في جنب استحقاق العقاب «إِذًا لَأَذَقْنَاكَ» لو فعلت ذلك لأذقناك. «ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ» وقيل: ضعف عقاب الحياة وقيل: ضعف عذاب الآخرة لعظم ذلك منه لو فعله، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، في معنى أضعفنا لك العذاب في الدنيا والآخرة، والضعف عبارة عن المثل، يعني لأذقناك مثل عذاب غيرك لأن نعم اللَّه عليك أوفر والزواجر أكثر «ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيرأ» أي: ناصرًا ينصرك، وقيل:

  لما نزلت هذه الآية قال ÷: «اللَّهم لا تكلنبي إلى نفسي طرفة عين»، عن قتادة.

  وقيل: إنه تعالى عاتب سائر الأنبياء بعد وقع الزلات وعاتبه قبله ليكون أشد حذرًا وأدل على نزاهته وعصمته.

  · الأحكام: يدل قوله: «ولولا أن ثبتناك» على أنه لطف للأنبياء والمؤمِنِينَ ليثبتوا على الحق.

  يدل قوله: «ضِعْفَ الْحَيَاةِ» أن ما يُستحق مع كثرة النعم والزواجر ضعفي ما يستحق إذا لم يكن ذلك.

  وتدل على أنه لو استحق العذاب لما وجد ناصرًا، وإذا وجب ذلك في الرسول ÷ فغيره أولى، فبطل قول المرجئة.