التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا 85 ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا 86 إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا 87}

صفحة 4295 - الجزء 6

  لكني دبرتك بالرحمة لك، فأعطيتك ما تحتاج إليه ومنعتك ما لا تحتاج إليه، وقيل: بمحونا من القلوب والكتب حتى لا يبقى له أثر (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَينَا وَكيلاً) أي: ناصرًا ينصرك فيرده عليك، وقيل: كفيلاً، عن أبي علي. وقيل: لا تجد ما تعتمد بصحة نبوتك حينئذ، وقيل: حافظاً يحفظه لك، عن الأصم. «إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ» أي: لكن ذلك من رحمة ربك، أي: أنزله عليك وحفظه، وجعله معجزة له (إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا) يعني [نِعَمَهُ] عظيمة عليك.

  · الأحكام: تدل الآية على سؤالهم عن الروح، والصحيح أن المراد به القرآن؛ لأن ما قبل الآية وما بعدها في ذكر القرآن، وقوله: «من أمر ربي» جواب عن سؤالهم؛ أي: أنه أحدثه لا يقدر عليه غيره.

  وتدل على حدث القرآن؛ لأنه من أمر اللَّه، ولأن ما جاز أن يذهب به يكون محدثاً؛ إذ العدم على القديم لا يجوز.

  وتدل على أنه قادر على إذهابه من القلوب، ومع بقاء التكليف لا يجوز أن يذهب به إلا على التدريج.

  وتدل على أنه يحفظه؛ إذ لو جاز عليه الزيادة والنقصان على ما تزعمه الإمامية لكان ذهب بعضه.