التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا 90 أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا 91 أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا 92 أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا 93}

صفحة 4311 - الجزء 6

  يؤدي إلى الفساد العظيم «هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولاً» أي: ما كنت إلا بشرًا ورسولاً فليس في مقدوري ولا مقدور البشر ما يسألون، عن أبي مسلم. وقيل: لا أعرف المصالح لأني بشر فلا أسأل شيئاً إلا بإذن اللَّه سبحانه.

  · الأحكام: تدل الآيات على ذم اقتراح الآيات واستعجال العذاب.

  ومتى قيل: لِمَ لم يفعل اللَّه تعالى ذلك؟

  فجوابنا: من وجوه:

  أحدها: لعلمه أنهم لا يؤمنون وعند ذلك يعذبهم بالاستئصال.

  وثانيها: لو لزم الأنبياء إجابة كل مقترح لطال عليه الأمر.

  وثالثها: أن المعجز يظهر لأحد شيئين: أولهما: دلالة على النبوة، وبعد ذلك يتبع المصلحة، فإذا علم أن إظهارها مفسدة لا يجوز إظهارها.

  وتدل على تنزيهه عن كل كلمة قبيحة.

  وتدل على أن ما سألوه ليس في مقدور الرسل، لأن قوله: {هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} يتضمن ذلك.

  وتدل على أن اعتقادهم أن الرسول ينبغي أن يكون له مال وزخرف، ولا يجوز بعثة نبي فقير، وهذا جهل، لأن البعثة تتبع المصالح.

  وتدل على أن هذه المقالة حديث من جهتهم، فيصح قولنا في المخلوق.