التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك ياموسى مسحورا 101 قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يافرعون مثبورا 102 فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا 103 وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا 104}

صفحة 4325 - الجزء 6

  الأصم، والفراء. وقيل: الظن بمعنى العلم، وقيل: بل المراد به الظن لأن الهلاك يكون بشرط الإصرار ولذلك أمارات ولا يعلم حقيقته إلا اللَّه «فَأَرَادَ» فرعون «أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ» أي: يزعجهم ويزلهم ويخرجهم عن أرض مصر، وقيل:

  بالقتل، وقيل: بالنفي «فَأَغْرَقْنَاهُ» فرعون «وَمَنْ مَعَهُ» من جنوده «جَمِيعاً» فلم ينج منهم أحد قبله ولم يهلك من بني إسرائيل أحد «وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ» أي: من بعد هلاك فرعون «لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ» أي: أرض مصر والشام «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ» قيل: القيامة، عن أكثر المفسرين. وقيل: نزول عيسى، عن الكلبي، وليس بشيء، والكلبي لا يؤتمن على كتاب اللَّه تعالى «جِئْنَا بِكُمْ» من القبور إلى الموقف للحساب والجزاء «لَفِيفاً» قيل: مختلطين التف بعضكم ببعض، وقيل: «لفيفاً» جميعاً، عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك.

  · الأحكام: تدل الآية على أن فرعون كان عارفاً بربه، وكان ما يظهر عناداً، وقيل: كان عرف أن مثل تلك الآيات لا تقدر عليها الأجسام.

  وتدل على أن موسى كان علم هلاك فرعون ينذرهم به.

  وتدل أنه تعالى أخبرهم بقوله: {اسْكُنُوا الْأَرْضَ} بما يسكن قلوبهم، وأنه لا خوف عليهم من جهة أحد.