التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا 105 وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا 106 قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا 107 ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا 108 ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا 109}

صفحة 4328 - الجزء 6

  عن أبي مسلم. وقيل: «فرقناه» أي: فرق اللَّه به الحق عن الباطل، وقيل: أنزلناه متفرقاً ليكون إلى الحفظ والقبول أقرب، وقيل: متفرقاً بحسب الحاجة والمصلحة، وقيل:

  فرقناه جعلنا بعضه أمرًا، وبعضه نهياً، وبعضه خبرًا، وبعضه وعدًا، وبعضه وعيدًا، وبعضه أمثالاً «لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكثٍ» أي: بتثبت وتوقف، وقيل: ننزل منه شيئا ثم تمكثون ما شاء اللَّه، ثم ننزل شيئاً آخر، فنزل في نيف وعشرين سنة «وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا» أي: هو من عندنا نزلناه، وقيل: «على مكثٍ» أي: نزلناه شيئاً بعد شيء متفرقًا، عن أبي مسلم. «قُلْ» يا محمد: «آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا» قيل: هذا وعيد، يعني: الضر عائد عليكم إن لم تؤمنوا، وقيل: هذا جواب لقولهم: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا} «إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ» أي: من قبل نزول القرآن وخروج محمد ÷، قيل: هم أهل العلم من أهل الكتاب وغيرهم، وقيل: مؤمنوا أهل الكتاب كابن سلام وغيره، عن ابن عباس. «إِذَا يُتلَى عَلَيهِمْ» قرئ عليهمْ القرآن «يَخِرُّونَ» يسقطون «لِلأَذْقَانِ» قيل: على الوجوه، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: عنى بها السجود، عن الحسن. وهو كناية عن السجود، كأنه قال: يضعون وجوههم على الأرض سجداً، «سُجَّداً» يعني خاضعين لله، وقيل: يسجدون علماً بصحته، ورغبة في ثوابه، وخوفاً من عقابه «وَيقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا» أي: نزاهة لله من كل سوء ومن الكذب «إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا» قيل: في الوعد والوعيد، وقيل: في