التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى 13 وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا 14 هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا 15 وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا 16}

صفحة 4370 - الجزء 6

  ومنها: أنه لو كان فعلهم خلقاً له لما كان لهربهم حجة، «إذ لا» يخلق، فلا يحتاج إلى الهرب.

  ومنها: قوله: «وإذ اعتزلتموهم» فأضاف الاعتزال إليهم.

  وتدل على أن الهجرة في الدين عظيم أمرها عند اللَّه تعالى.

  وتدل على أن الواجب على المكلف الانقطاع إلى اللَّه تعالى، والتوكل عليه فيما يعتريه.

  وتدل على أن الاعتزال اسم مدح، لذلك وصفهم بقوله: «وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ» وفي قصة إبراهيم: {وَأَعتَزِلُكُمْ}⁣[مريم: ٤٨] {فَلَمَّا اعتَزَلَهُمْ}⁣[مريم: ٤٩].

  ولذلك قال مشايخنا: ما ورد إلا في الاعتزال من الشرور. وروي أن النبي ÷ قال: «من اعتزل من الشر يسقط في الخير»، وقال: «ستفترق أمتى بضع وسبعين فرقة أبرها الفئة المعتزلة».

  وتدل على أن الطعام والشراب ليس بشرط في الحياة من طريق الإيجاب خلاف ما يقوله أهل الطبع.