التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا 22 ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا 23 إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا 24 ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا 25 قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا 26}

صفحة 4394 - الجزء 6

  الأمر «مَا لَهُمْ» قيل: الكناية ترجع إلي أصحاب الكهف، أي: ليس لهم غيره ولي يحفظهم وأنه تعالى يتولى حفظهم ورعايتهم، وقيل: المراد عامة العباد؛ أي: العباد من يتولى نصرتهم غيره وهذا هو الوجه، وقيل: «مَا لَهُمْ» لأهل السماوات والأرض «مِنْ وَلِيٍّ» ناصر يتولى أمرهم «وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا» قيل: لا يشرك في حكمه أحداً يستعين به، وقيل: لا يملك أحداً حكماً، وقيل: لا يشرك أحداً منهم، يعني: أحداً في خلقه والإنعام عليهم، وقيل: أراد: الأوثان لم يشركهم في الإلهية.

  · الأحكام: تدل الآيات أن عددهم لا يعرفه أحد إلا من عرفه اللَّه تعالى، وفيه تنبيه أن ظاهر القرآن لا يدل عليه، وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: أنا من القليل الَّذِينَ يعرفونهم، وقال أبو علي: النبي ÷ كان يعرف عددهم بخبره تعالى، ولكن لا يجب أن يعرفه غيره إذا لم يتصل بالأحكام والشرائع ولا يكون فيه مصلحة.

  ويدل قوله: «فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ ...» الآية. أن أهل الكتاب كانوا يخوضون فيه، فأمره أن لا يقول فيه إلا الظاهر الثابت بقول اللَّه تعالى.