التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا 32 كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا 33 وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا 34 ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا 35 وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا 36}

صفحة 4412 - الجزء 6

  مقاتل. ولذلك قال في جوابه: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا}، «وَدَخَلَ» الكافر «جَنَّتَهُ» أخذ بيد أخيه يطوف به فيها ويعجبه من حسنها «وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ» بكفره «قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ» أيْ: تفنى وتهلك «هَذِهِ» الجنة «أَبَدًا» قيل: أراد لا تبيد ما دمت حياً، وقيل: توهم أنه يدوم وأن مثله لا يفنى إنكارًا لفناء الدنيا «وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً» آتية كائنة «وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي» أي: صرت إليه في المعاد «لأَجِدَنَّ خَيرًا مِنْهما» منزلة، الجنة «مُنْقَلَباً» أي: منزلاً ومرجعاً.

  ومتى قيل: كيف يصح قوله: «وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي» مع أنه كافر؟

  فجوابنا: فيه وجوه:

  أحدها: لئن رددت إلى ربي كما زعمت فلي خير منهما، تلك ما سولت له نفسه لا يطمع فيه.

  وثانيها: قيل: إنه شك ثم قال على شكه: ما أعطاني هذه الأولى إلا ولي عنده خير منها لو رجعت إليه، عن ابن زيد.