قوله تعالى: {واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا 45 المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا 46}
  فجوابنا: لأنها أصلح الأعمال للمكلف من حيث أمر بها ووعد الثواب عليها وأوعد العقاب على تركها.
  «خَيرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً» أي خير جزاء على العمل «وَخَيرٌ أَمَلاً» أي: خير شيء يأمله المرء لأن الآمال الكاذبة تورط المرء في المهالك.
  · الأحكام: تدل الآية على الحث على طلب الجنة ونعيمها، والزهد في الدنيا من حيث نبه على سرعة فنائها وقلة بقائها وتشبيهها بما لا يبقى، واختلفوا، فقيل: شبه بالماء من حيث لا يستقر في موضع ولا يبقى على حاله ولأنه يضر وينفع كذلك الدنيا يشبهها بالنبات الذي يروق العيون زهرتها، ويتعجب الناظر في لونها وهيئتها، ثم تجف عن قريب وتصفر وتتكسر وتذراه الرياح فلا يبقى له أثر، كذلك الدنيا ونعيمها.
  ومتى قيل: فإذا كان كذلك فهلا كفاهم ليتفرغوا للعبادة ولم يحوجهم إلى التكسب؟
  فجوابنا: ابتلاء وامتحاناً ولطفاً لهم، ليتدبروا أن شيئاً من نعيمها وكثرة سرورها أولى أن يتعب المرء نفسه في طلبها، ولأن الكسب نوع عبادة، ولأنه تصغير أحواله لعلمه أنه تعالى قادر حي، ولأنه أحوج بعضهم إلى بعض ليعلم أنه الغني الفرد.