قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا 50 ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا 51 ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا 52}
  قُلْنَا لِلْمَلاِئكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ» وقد بينا أنه سجود تحية لا سجود عبادة، وما قيل أنه قِبلة للسجود «فَسَجَدُوا» يعني الملائكة «إِلَّا إِبْلِيسَ» مأمورًا معهم بالسجود وإن لم يكن منهم «كَانَ مِنَ الْجِنِّ» قيل: كان أبا الجن كما أن آدم أبو الإنس، عن الحسن، وابن زيد. وقيل: كان من الجن الَّذِينَ ظفر بهم الملائكة وأسروهم وأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء، عن شهر بن حوشب. وقيل: جنَّ عن طاعة اللَّه، عن قتادة. وقيل: كان من الملائكة يقال لهم الجن، كانوا خزان الجنان فأضيفوا إليها كقولهم: كوفي وبصري، حكاه الأصم. وقيل: كان من الملائكة قُبُل تسمى الجن لاستتارهم عن العيون، وهذان الوجهان غير صحيحين؛ لأن ظاهر الجن إذا أطلق يفهم منه الجن لا الملائكة، ولأن الملائكة خلقوا من الريح وإبليس من النار «فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ» أي: خرج عن طاعة ربه، وقيل: اتسع في ركوب المحارم «أَفَتَتَّخِذُونَهُ» خطاب لبني آدم يا بني آدم أتتخذون إبليس «وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ» وقد ظهرت عداوتهم، وهذا استفهام والمراد الإنكار، أي: لا تتخذونهم أولياء، والذُّرِّيَّة النسل، قال الحسن: الإنس عن آخرهم من ذرية آدم، والجن عن آخرهم من ذرية إبليس «بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا» أي: بئس البدل إبليس وذريته من اللَّه، وقيل: بئس البدل طاعة الشيطان توجب عذاب الأبد، وقيل: يعني الكفار أجمع، وقيل: يعني آدم وذريته لم يحضروا ذلك فيشاهدوا، عن الأصم.