قوله تعالى: {ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا 53 ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا 54 وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا 55}
  هنالك أشياء كثيرة كلها موانع، كقدرة الكفر وعدم قدرة الإيمان وخلق الكفر وإرادة الكفر وعدم الإيمان، فأي منع أشد وآكد من هذا؟
  وتدل على أن الإيمان فعل العبد من وجوه:
  منها: أنه سماهم مجرمين.
  ومنها: أنه أوجب العقاب عليهم.
  ومنها: قوله: {وَمَا مَنَعَ}.
  ومنها: قوله: {وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ}.
  ومنها: قوله: {إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ}، فإن هذا إنما يتم على طريقتنا لأن الإيمان فعل العبد وهو المخير، فإذا رأى العذاب صار ملجأ فآمن.
  فأما على قولهم: إذا كان الإيمان من خلق اللَّه فعله فيهم، فإن أتتهم سنة الأولين ولم يخلق الإيمان لا يحصل ولو كان من غير ذلك حصل، وأي معنى لهذا الاستثناء على قولهم.
  وتدل على أنه يشترط في سقوط العقاب الإيمان والاستغفار بخلاف ما قاله بعضهم أن ترك الكفر يكفيه.