التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا 60 فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا 61 فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا 62 قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا 63 قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا 64}

صفحة 4452 - الجزء 6

  قتادة، وقيل: طنجة، عن محمد بن كعب، وقيل: البحران موسى والخضر، والأول هو الوجه. «أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا» قيل: دهرًا، عن ابن عباس. وقيل: هو سنة بلغة قيس، وقيل: تسعون سنة، عن مجاهد. وقيل: ثمانون سنة، عن عبد اللَّه بن عمر. وقيل: زماناً، عن قتادة. وقيل: كان وعد لقاء العالم عند مجمع البحرين. «فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا» يعني موسى وفتاه، يعني مجمع البحرين «نَسِيَا حُوتَهُمَا» قيل:

  تركاه، وقيل: نسياه من النسيان، وقيل: الحوت كان طرياً، عن الحسن. وقيل: كان مالحاً، عن ابن عباس.

  ومتى قيل: كيف نسيا الحوت وكان مع يوشع؟

  قلنا: كما يقال: نسي القوم زادهم وإنما نسيه واحد منهم، وكقوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}⁣[الرحمن: ٢٢] وإنما يخرج من أحدهما، وإنما جاز ذلك لأنهما تزوداه لسفرهما فجاز إضافته إليهما، وقيل: نسي يوشع حمل الحوت ونسي موسى أن يأمره فيه بشيء.

  ومتى قيل: كيف ينسى المعجز في تلك الشرعة؟

  قلنا: الزمان زمان الأنبياء وكثرة المعجزات، فجاز أن يغفل عنه لا سيما في كر السفر وتعب المشي، وقيل: التفكر في تلك الآيات العجيبة شغلته عنه فنسيه.

  «فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا» أي: مسلكاً يذهب فيه، قيل: توضأ يوشع فانتضح على الحوت الماء فحيي، وقيل: أحيا الحوت فاتخذ سبيله في البحر مسلكاً،