قوله تعالى: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا 60 فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا 61 فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا 62 قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا 63 قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا 64}
  عن ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد. وقيل: كانت سمكة مالحة انتضح عليها الماء فحييت وطفقت في البحر ذاهبة، وقيل: ناما عند الصخرة فاضطربت السمكة فأخرجت من المكتل وسقطت في البحر وحيت، فلما استيقظ موسى نسي صاحبه أن يخبره به.
  واختلفوا في كيفية ذلك، فقيل: انجاب الماء عن مسلك الحوت فصار كوة لا يلتئم، وقيل: كان لا يسير شيء من البحر إلا يبس حتى صارت صخرة، ولا شبهة أن اللَّه تعالى منع الماء عن السيلان وهو الذي صير الصخرة معجزة لموسى # وليعلم أن ثَمَّ الموعد.
  «فَلَمَّا جَاوَزَا» ذلك المكان، وقيل: انطلقا بقية يومهما وليلتهما، فلما كان من الغد «قَالَ» موسى «لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا» زادنا وطعامنا «لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا». أي: تعباً وشدة، ولم يتعب في سفره إلا يومئذ، وألقى اللَّه تعالى على موسى الجوع ليذكرا حديث الحوت، ف «قَالَ» صاحبه وقد تذكر ذلك «أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا» رجعنا «إِلَى الصَّخْرَةِ» وهو الموعد «فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ» قيل: تركته وفقدته، وقيل: نسيته ونسيت حديثه «أَنْ أَذْكُرَهُ» فيه إضمار أي: نسيت أن أذكر لك ذلك، ثم قال: «وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ» أي: شغلني بوسوسته حتى أنسيته، وقيل: وسوس إليه أن يؤخر إعلام موسى ليرى له شيئاً، عن الأصم. «وَاتَّخَذَ» الحوت «سَبِيلَهُ فِي