قوله تعالى: {فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا 71 قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا 72 قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا 73 فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا 74 قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا 75 قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا 76 فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا 77}
  يعني ظهر من حاله ما يدل على الشكوى ولو كان يمكنه الشكوى لاشتكى.
  «فَأَقَامَهُ» قيل: رفع الجدار بيده فاستقام، عن سعيد بن جبير. وقيل: أقامه بمنكبه حتى قام ولم يهدمه، وقيل: هدمه ثم قعد يبنيه، عن ابن عباس. ف «قَالَ» موسى وكان غضب على أهل القرية من حلم صاحبه ولم يمنعه ذلك من الإحسان إليهم بتسوية الجدار «لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا» أي: جُعلاً وأجرة تكون لنا قوة على سفرنا، وقيل: قِرًا وضيافة.
  · الأحكام: في الذي فعله العالم من الأمور الثلاثة وجوه من الأدلة:
  منها: حسن دفع الضرر العظيم باليسير بل وجوبه لأنه دفع بالخرق اليسير ضررًا عظيماً منه وهو الغصب.
  ومنها: أنه كما يجب في نفسه يجب في غيره؛ لأنه دفع الضرر عن المساكين وكان عالماً بما جهلوا فلزمه دفع الضرر عنهم.
  ومنها: ابتداؤه بهذا العلم يدل على نبوته.
  ومنها: أنه علم من أهل السفينة أنهم لا يغرقون وإلا كان لا يفعل ذلك لأن غرقهم أعظم من غصبها.
  فأما قتل الغلام فأحد ما يستدل به شيوخنا في باب اللطف لأنه تعالى بين أنه